بواسطة: مريم العنان، رئيسة لجنة الصحة النفسية - فريق نبضة حياة التطوعي.
في عالم اليوم السريع والمليء بالتحديات، أصبحت العناية بالصحة النفسية ضرورة لا تقل أهمية عن صحتنا الجسدية. التوازن النفسي ليس شيئًا يحدث بالصدفة، بل هو نتيجة وعي ذاتي وممارسة مستمرة لعادات إيجابية واستراتيجيات تساعدنا على مواجهة ضغوط الحياة اليومية بشيء من الهدوء.
للحفاظ على صحتنا النفسية، يجب أن نتعلم كيفية إدارة الضغوط اليومية بطرق فعالة. واحدة من أهم الخطوات هنا هي تنظيم الوقت. إعداد قوائم المهام وتحديد الأولويات يمكن أن يمنحنا شعورًا بالسيطرة ويقلل من الفوضى في أذهاننا. تخصيص فترات للراحة والاسترخاء خلال اليوم يساعد عقلنا على التجدد. يمكننا تعزيز ذلك من خلال ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل، واليوغا، أو حتى تمارين التنفس العميق التي تساعد على تهدئة الأفكار وتخفيف التوتر.
كما أن العلاقات الاجتماعية تلعب دورًا مهمًا في دعم التوازن النفسي. التواصل مع الآخرين يمنحنا طاقة عاطفية إيجابية تعزز شعورنا بالأمان والانتماء. بناء علاقات صحية، والمشاركة في أنشطة تطوعية، وطلب الدعم من الأصدقاء عندما نحتاج إليه، كلها طرق تساهم في إنشاء شبكة دعم نفسي قوية تحمينا من الشعور بالوحدة.
بالإضافة إلى ذلك، العناية بصحتنا الجسدية أمر أساسي لتحقيق التوازن النفسي. ممارسة الرياضة بانتظام ترفع من هرمونات السعادة وتقلل من القلق، بينما يساعد نظام غذائي صحي ومتوازن في دعم صحة الدماغ والجسم. ولا ننسى أهمية النوم، فالحصول على قسط كافٍ من النوم العميق يحسن المزاج ويزيد من التركيز ويقلل التوتر.
في عصرنا الحالي، أصبح ما يُعرف بالتوتر التكنولوجي أحد أبرز أسباب الإرهاق النفسي. لذلك من المهم جدًا تقليل أوقات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي قد تضغط علينا نفسيًا، واستبدالها بأنشطة واقعية تمنحنا شعورًا بالهدوء مثل المشي بين أحضان الطبيعة أو الجلوس على رمال الشاطئ. وأيضًا ممارسة الهوايات مثل الرسم أو التطريز أو النحت أو القراءة أو الكتابة، تفتح لنا مجالًا للتعبير عن أنفسنا وتخفف من حدة التوتر والقلق.
تطوير مهارات التكيف يعد أيضًا من المفاتيح الأساسية للصحة النفسية. فالحياة مليئة بالتحديات، ومن المهم أن نكون مرنين في التعامل مع الأوقات الصعبة، وأن نتبنى التفكير الإيجابي الذي يساعدنا على رؤية الفرص حتى في وسط الأزمات. تعلم مهارات حل المشكلات واتخاذ القرارات يعزز ثقتنا بأنفسنا ويشعرنا بالقدرة على التحكم في مجريات حياتنا.
إذا واجهنا مشاعر قلق أو اكتئاب، فإن البحث عن المساعدة من المختصين يعد خطوة ناضجة وشجاعة، وليس دليلًا على الضعف كما قد يعتقد البعض. الاستشارة النفسية تساعدنا على فهم أنفسنا بشكل أعمق وتمنحنا الأدوات اللازمة لمواجهة التحديات. كما توفر مجموعات الدعم النفسي الجماعي بيئة آمنة للتعبير وتبادل التجارب.
وأخيرًا، يبقى الجانب الروحي عنصرًا أساسيًا في تحقيق التوازن الداخلي. التأمل والتفكر في معاني الحياة يمنحنا شعورًا بالطمأنينة، وممارسة الامتنان والاعتراف بالنعم الصغيرة يزرع في قلوبنا رضا وراحة عميقة.
الصحة النفسية ليست حالة ثابتة، بل هي رحلة مستمرة نحو الوعي والتوازن. تبدأ بخطوات صغيرة تتجمع لتحدث فرقًا كبيرًا في جودة حياتنا. كل عادة إيجابية، وكل لحظة امتنان أو تواصل حقيقي، هي مفتاح جديد يفتح لنا باب الطمأنينة النفسية.
المصادر
- موقع ويب طب
- موقع منظمة الصحة العالمية
- موقع الطبي