صادر بواسطة مجلس إدارة فريق نبضة حياة التطوعي
تُعيد الكاتبة ياسمين خلف في مقالها «المغتسلات والأمراض القاتلة» فتح ملف بالغ الأهمية يتعلق بسلامة من يعملون في تجهيز الموتى، وهي مهنة صامتة لكنها على تماس مباشر مع أخطر مصادر العدوى. ويُحسب للكاتبة أنها سلطت الضوء على جانب صحي وإنساني غائب عن النقاش العام، رغم ارتباطه المباشر بصحة العاملين وأسرهم والمجتمع.
وترى نبضة حياة أن بيئة المغتسل تتطلّب وعيًا متقدمًا في مكافحة العدوى والإسعافات الأولية، إذ قد تحمل الجثامين فيروسات منتقلة عن طريق الدم (Bloodborne Viruses) تبقى نشطة بعد الوفاة. ومن أبرزها فيروس نقص المناعة HIV، وهو الفيروس الذي يؤدي — عند انتقاله — إلى مرض الإيدز، إضافة إلى التهاب الكبد الوبائي B وC، وهي فيروسات شديدة العدوى يمكنها الانتقال عبر جرح متناهي الصغر أو رذاذ مجهري غير مرئي، مما يجعل أي تعامل غير مدروس خطرًا مباشرًا على العاملين.
ولا تقف خطورة العدوى عند الفيروسات فقط؛ فسوائل الجسم مثل البول، والسوائل البطنية، وإفرازات الجهاز التنفسي والهضمي قد تحتوي على بكتيريا خطيرة قادرة على إحداث التهابات شديدة. ومن هذه البكتيريا الإشريكية القولونية (E. coli) والعنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين (MRSA) والسالمونيلا، وهي جراثيم قادرة على البقاء طويلًا على الأسطح والجلد والملابس، ويمكن أن تنتقل بسهولة عبر الجروح أو الأدوات الملوّثة وتسبب التهابات يصعب علاجها.
وتزداد احتمالات العدوى عند التعامل مع القرحات المفتوحة، أو أنابيب التنفس الصناعي، أو أنابيب التغذية (NG Tube)، أو القسطرة البولية (Foley Catheter)، إذ تكون هذه الأدوات مشبعة بسوائل تحمل مستوى عاليًا من الميكروبات. كما يمثّل التعامل مع الأدوات الحادة (Sharps) تحديًا بالغ الخطورة، إذ يمكن لوخزة واحدة من إبرة ملوّثة أو مشرط غير محمي أن تنقل عدوى فورية قد تحمل تبعات صحية طويلة الأمد.
وخلال جائحة كوفيد-19، شهدت المملكة التزامًا واسعًا ببروتوكولات مكافحة العدوى، وظهرت منظومة وقائية واضحة في المنشآت الصحية. لكن كثيرًا من هذه الإجراءات لم يُترجم إلى سياسات ثابتة داخل المغتسلات بعد انتهاء الجائحة، رغم أنها بيئة لا تقل خطورة من حيث التعرض للسوائل والملامسة المباشرة. وربما توجد لوائح وإرشادات تنظيمية، لكنها — في الغالب — لا تصل إلى العاملين بالصورة المطلوبة، مما يخلق فجوة في التطبيق ويجعل السلامة تعتمد على الاجتهاد الشخصي، لا على نظام واضح وملزم.
ويمتد الخطر إلى مرحلة التخلص من النفايات الطبية الناتجة عن تجهيز الجثمان، وهي نفايات تُعد — بحسب لوائح المجلس الأعلى للبيئة — ضمن المخلفات الخطرة ذات التأثير المباشر على الإنسان والحيوان والتربة إن لم تُعالج بالطريقة السليمة. وتشمل الأدوات الحادة، الأقمشة الملوّثة، بقايا الأنابيب الطبية، والمواد المستخدمة أثناء التغسيل. وأي خلل في التعامل معها قد ينقل العدوى خارج المغتسل إلى الساحات المجاورة أو حتى المنازل.وترى نبضة حياة — انطلاقًا من خبرتها في الإسعاف المجتمعي وإدارة المخاطر — أن حماية المغتسلات تبدأ من وضع بروتوكولات واضحة لمكافحة العدوى، وتطبيقها فعليًا لا شكليًا، مع توفير معدات الوقاية الشخصية، والتدريب المستمر على استخدامها، والالتزام بأساليب التخلص السليم من النفايات الطبية والأدوات الحادة وفق لوائح المجلس الأعلى للبيئة. وتؤكد المؤسسة أهمية تجهيز دور العبادة والمقابر بحقائب إسعاف مكتملة وأجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)، باعتبارها أدوات إنقاذ أولية يجب أن تكون حاضرة ومتاحة في كل موقع. ومن جانبها، تعلن نبضة حياة استعدادها لتوفير تدريب مهني مجاني للعاملين والعاملات في المغاسل، يشمل مكافحة العدوى، واستخدام معدات الوقاية، والإسعافات الأولية والثانوية، والتدريب العملي على جهاز AED، إضافة إلى تنفيذ سيناريوهات محاكاة واقعية تُنظَّم دوريًا لرفع الجاهزية وتحسين مستوى السلامة للجميع.
للتواصل:
📞 +973 3329 2211